مجتمع

ازدهار تربية المواشي والطيور جنوبًا: المنطقة تقترب من الاكتفاء الذاتي

بسبب الأزمة الاقتصادية، تشهد القرى الجنوبية اقبالاً كبيراً على الاهتمام بتربية المواشي والطيور، وهي ظاهرة كانت قد تراجعت بشكل كبير في السنوات الماضية، لولا ” حاجة الأهالي المستجدة بسبب الأوضاع الاقتصادية الخانقة”.

يقول المزارع ابراهيم عواضة (عيترون)، الذي بدأ خلال السنوات الأربعة الماضية بتربية الدجاج “بدأت بتربية 20 دجاجة، فوجدت أن الأمر يحقق أرباحاً جيدة، فعمدت الى انشاء مزرعة للدجاج”.. عواضة واحد من عشرات الأهالي الذين لجأوا مؤخراً الى تربية الدجاج، ليزداد عدد مزارع الدجاج في منطقة بنت جبيل الى أكثر من 50 مزرعة.

اتحادي بلديات بنت جبيل وجبل عامل عملا في السنوات الماضية على توزيع الدجاج البيّاض على المهتمين من الأهالي، فعلى سبيل المثال، منذ عامين، عمد اتحاد بلديات جبل عامل الى توزيع أكثر من 2300 دجاجة على 200 مستفيد من أبناء المنطقة بأسعار رمزية مدعومة من الاتحاد والبلديات وجهاد البناء.

من جهته يبين مسؤول جهاد البناء في المنطقة سليم مراد أن “الاهتمام بتربية المواشي والدجاج تطور بسرعة قياسية، ففي احدى بلدات بنت جبيل كان عدد رؤوس الأبقار 27 رأس، وهو اليوم يزيد على 600 رأس”، ويعتبر أن أهم أسباب هذا الاهتمام “ليس فقط تردّي الأوضاع الاقتصادية وعودة الأهالي الى الاعتماد على الانتاج الذاتي، بل يعود أيضاً الى اهتمام البلديات واتحاد البلديات بالأهالي وتشجيعهم على تربية المواشي، من خلال تسويق الانتاج الحيواني من الألبان والأجبان، بفتح معملين للألبان والأجبان في عيترون وحولا، ليزداد عدد المهتمين بتربية الأبقار والأغنام، بشكل ملحوظ، ما شجّع المزارعين على فتح معملين آخرين في عيترون، بعد زيادة عدد المواشي”، ويؤكد مراد أن “مؤسسة جهاد البناء دائماً الى جانب المربّين من خلال الأنشطة المختلفة التي ساهمت في تدريبهم على كيفية الاهتمام بالحيوانات، وتقديم اللقاحات المناسبة”.

وفي منطقة حاصبيا ومرجعيون ازداد عدد مزارع الدواجن الى 45 مزرعة تتسع لحوالي 500 ألف دجاجة، ويشير نديم الحمرا، صاحب مزرعة دواجن في حاصبيا، الى أن “حاصبيا وراشيا الفخار تحوي أكثر من 75 ألف دجاجة، بسبب زيادة حاجة السوق المحلّي واستغلال الأرض واستثمارها والتسهيلات المصرفية سابقاً”، وأكد أن “هناك مخاطر كثيرة قد يتعرض لها مربو الدواجن، في مقدمّها غياب الدّعم من وزارة الزراعة لا سيما في تأمين الأدوية والعلف وخلق أسواق خارجية لتصريف الإنتاج، مع العلم أن السوق المحلية ما تزال، حتى تاريخه، تستوعب ما ينتجه المزارع”.

وفي السنوات الأخيرة عمد “اتحاديّ بلديات بنت جبيل وجبل عامل، بالتعاون مع جهاد البناء، الى توزيع آلاف الطيور من الدجاج البيّاض، على المزارعين الذين كانوا قد شاركوا في حضور الندوات الخاصة بتربية الدجاج البيّاض”.

وهذا ما سمح بتأمين اكتفاء ذاتي للمنطقة بأكملها، فالدجاجة الواحدة تنتج 300 بيضة سنوياً، اضافة الى مساهمتها بالتخفيف من فضلات الطعام”. ويبين رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي طاهر ياسين أن “الاتحاد عمد على مبدأ الشراكة مع المزارعين، فهو يؤمن الدجاج بأسعار منخفضة ويتحمل 40% من ثمنه، وعلى المزارع أن يتحمل المبلغ المتبقي، كما قمنا بتأمين الرعاية والتوجيه لأصحاب المزارع، وقمنا بتلقيح الأبقار”.

ويذهب رئيس المركز الزراعي في مرجعيون، التابع لوزارة الزراعة، فؤاد ونسه الى أن “الوزارة قدّمت المساعدات المادية والارشادية لمربّي النحل الذين بات يزداد عددهم يوماً بعد يوم”. ويوضح أن “الاتحادين المذكورين استطاعا اقناع الأهالي باعادة الاهتمام بالأراضي الزراعية وتربية الحيوانات الداجنة، واقامة دورات متخصصة لتربية النحل، بعد تقديم قفير نحل لكل مزارع مهتّم، الأمر الذي حقق نجاحاً لافتاً يعوّل على انتاجه في المستقبل القريب”.

يذكر أن اتحاد بلديات جبل عامل قام باحصاء عدد الحيوانات الدّاجنة في المنطقة، وأقام دورات متخصّصة في تربيتها وكيفية الاستفادة القصوى من انتاجها، منها دورات في فنون صناعة الألبان والأجبان، للعمل في معمل الألبان والأجبان الذي عمل الاتحاد على بنائه في بلدة حولا، بالتعاون مع مجلس الجنوب. أما بالنسبة لتربية الأبقار، فقد كان عدد رؤوس الأبقار الحلوب في قرى وبلدات اتحاد جبل عامل في قضاء مرجعيون لا يزيد على 200 رأس، ويبلغ الأن حوالي 7700 رأس، بينما لم يكن يوجد أي مزرعة للدجاج وقت التحرير، ليبلغ عدد مزارع الدجاج الكبيرة اليوم حوالي 35 مزرعة. أما الذين يواضبون على تربية النحل، فقد كان عددهم 200 نحّال في قضاء مرجعيون، وهذا العدد تزايد الأن بشكل لافت ليقارب 3000، بعضهم يمتلك مئات القفائر من النحل، وهذا جعل من المنطقة مركزاً لتصدير العسل الطبيعي الى الخارج.

وبحسب احصاءات مركز الارشاد الزراعي في مرجعيون فان المنطقة كانت تنتج من العسل، قبل حرب تموز، ما يقارب 10 آلاف كلغ، وهي اليوم تنتج نحو 50 ألف كلغ. وفي قضاء بنت جبيل أصبح عدد المربّين للنحل 1059، يملكون 6500 قفير نحل، بينما ارتفع عدد مربّو الأبقار الى 228، بحسب مدير مكتب الارشاد الزرعي في بنت جبيل علي ياسين.

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى